top of page

 

ظلت أمتنا العربية فى وقتنا الحاضر عبارة عن مستهلك أول لكل فنون التكنولوجيا الغربية الصالح منها والطالح ، وخطورة أن تكون مستهلكا لا منتجا يضعك دوما في موقف صاحب اليد السفلى لا صاحب اليد العليا

والطريق إلى أن نكون أمة منتجة يمر ببوابة تدريب الكادر البشري على الإنتاج ، الانتاج الذى يدعمه البحث العلمي المؤسس والقائم على الحوجة الحقيقية للأمة

والبحث العلمى المؤسس ستضيع مجهوداته سدى إن لم يسانده تدريب مضني للكادر البشري ، لأن النهضة أساسها الانسان وليس التكنولوجيا ، فالإنسان هو من أوجد هذه التكنولوجيا بفضل الله تعالى عليه

اذا فى وقتنا الراهن نحتاج لأن نفتح آفاق أرحب لتدريب الكادر البشري ، فالتدريب هو الوسيلة الأولى لنقل الخبرات من جيل الى جيل ، والمحافظة على هذه الخبرات من الاندثار والضياع يكون بفتح معاهد وكليات التدريب

فالناظر لجودة التعليم مثلا فى السودان فى القرن الماضي يجد أن المعلمين كانوا يخضعون لتدريب مكثف وفعال وممنهج يقوم على أسس موضوعية لإنتاج معلم متمكن من مادته حاذق فى صناعة وسائله ماهر فى تقديم عرضه ذو الأربعين دقيقة للتلاميذ

فكانت (بخت الرضا) وأخواتها من معاهد التدريب المنتشرة فى كل ربوع السودان أجيالا تسلم الراية للجيل الذي يليها ، راية الخبرة والدراية والمعرفة ، لذلك كان محتوى التعليم ممتازا نهلت منه كل الدول العربية وأرسلت معلميها إلى السودان لينهلوا من هذه المواعين التعليمية

وكان السلم التعليمي يقوم على تدرّج الكوادر حسب طاقة معرفتها ، فمعلم المرحلة الابتدائية كان تدريبه يقوم على طرق معدة خصيصا للمرحلة الابتدائية ، وكذا الحال لمعلمى المرحلة المتوسطة ، آخذين هنا فى الاعتبار أن كل هؤلاء المعلمين لم يكونوا خريجى كليات التربية بالجامعات وليس من حملة شهاداة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه ، لكنهم ونتيجة لتعرضهم لتدريب علمي وعملي مؤسس ظلوا هم الكفاءات التعليمية التي يشار إليها بالبنان إلى يومنا هذا

اذا فالقضية هنا ليست قضية شهادات أو ألقاب علمية ، وإنما المحك الحقيقى هو كيفية صناعة كادر بشري يؤدي مهمته بكفاءة وفى ذات اللحظة قابل لأن يطور مقدراته الذاتية

وحينما غاب التدريب عن المؤسسات التربوية وتم إغلاق تلك كل المعاهد وتم تحويلها إلى كليات تربية ، تدهور المنتوج التربوي  في كافة مجالاته (التلميذ – المعلم – المنهج) ، وكانت فلسفة من أغلقوا تلك المعاهد أنهم يريدون أن يُخرّجوا معلمين يحملون (شهادات) واعتبروا أن هذا هو التأهيل الحقيقي ، لكنهم ما استوعبوا أن الشهادات لا تحمل طباشيرها لتسهل وتيسر المعلومة للمتلقى وهو التلميذ

وحتى تُصحّح هذه الأوضاع  يجب أن يُعاد فتح معاهد التأهيل التربوي ليتم فيها تدريب هؤلاء الخريجين حتى يعرفوا الطريقة المثلى لتقديم المادة العلمية ، وهو ما يُعرف فى المجال التعليمى بـ (طُرُق التدريس)

نحن هنا لسنا ضد أن يكون المعلم من حملة الشهادات الجامعية أو ضد طموحه للترقي فى مصاف العلم ، لكننا نريدها أن تكون شهادات حقيقية في محتواها المعرفي وليست مجرد أوراق تزيّن بها الصوالين الفاخرة

يجب أن يتوافق المحتوى المعرفى للمعلم مع ما يحمله من شهادات ، وإلا سنظل نحرث فى البحر بشهادات لا تُسْمِن ولا تُغني من جوع للمعرفة الحقيقية

( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد)

السودان-راشد حسن طه

المشاركة في لجنة تطوير المناهج التربوية بوزارة التربية والتعليم – لعدة دورات

الكوادر البشريةتدريب الكوادر البشرية ضرورة حتمية لنهضة الامة العربية

bottom of page